Back

تأثير تدخل الوالدين على التحصيل العلمي للأبناء

راية البرغوثي- سراج- منذ اللحظة الأولى التي يولد بها الطفل تبدأ العملية التعليمية في المنزل، فالأسرة هي أول مدرسة تربوية تحتضن الطفل، حيث يكتسب السلوكيات من الأشخاص المحيطين به. وتعتبر الأهم بين المدارس الاجتماعية، والتربوية التي قد تسهم في نجاح الطفل، أو فشله في التعلم المبكر.

فالأسرة لها دوراً فعالاً في مساعدة الطفل ليكون فرداً متميزاً في مجتمعه.  وبالتالي، فإن التعليم ليس مسؤولية المدرسة فقط، بل إنه التزام مشترك بين الطلاب، والأسر، والمعلمين، والمدرسة. لذلك، يجب أن يشارك الآباء في العملية التعليمية لضمان جودة التحصيل الأكاديمي لأطفالهم.

تحدث الكثير من علماء النفس، ورجال التربية عن دور الأسرة الكبير، وأهميته في بناء شخصية الطفل، وإكسابه السلوكيات، والقيم الاجتماعية الأساسية. فوفقاً لمؤسسة Education Endowment، فإن مشاركة الأسرة في العملية التعليمية مع أبنائهم تؤثر إيجاباً على المستوى التحصيلي للطفل.

حيث يمكن للأسرة أن تشترك بالعملية التعليمية مع أطفالها في مجالات متعددة، ومن هذه المجالات: التعلم الموجه للعائلة، والشراكة بين الأسر والمدرسة. و يركز المجال الأول على تحفيز العائلة للأبناء، وتوفير البيئة التعليمية المناسبة داخل المنزل. كما تتضمن أيضاً بعض الأنشطة التعليمية التي يقوم بها الوالدين مع أبنائهم. أما المجال الآخر فيتضمن التواصل المستمر بين العائلة والمدرسة لتحسين المستوى التعليمي لأبنائهم

دراسة جانو ونصرة

توجد العديد من الدراسات في الوطن العربي التي تتناول أثر العوامل المحيطة بالطلاب على تحصيلهم الدراسي. ومن ضمن هذه الدراسات دراسة قام بها جانو ونصرة في جامعة تشرين (1976) بعنوان أثر العوامل البيئية والاجتماعية والاقتصادية في مستوى تحصيل الطلبة الدراسي. و من أهم نتائج هذه الدراسة هي أن المستوى التعليمي للأسرة يؤثر بشكل إيجابي على المستوى التحصيلي لأبنائهم. أما إذا كان الأب والأم غير متعلمين، أو حصلوا على تعليم مُتدنٍ، فإن هذا يؤثر سلبياً على مستوى أبنائهم الدراسي.

دراسة هندي

كما أجرى هندي دراسة عن أثر العوامل الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية في تسرب الطلاب في المرحلة الإلزامية عام  1978. ومن أهم نتائج هذه الدراسة هو أن الآباء ذوي التعليم المتدني، أو غير المتعلمين، لا يقدرون قيمة المدرسة، وأهمية التعليم، مما يجعلهم أحد الأسباب الأساسية التي تدفع بأبنائهم إلى ترك المدرسة باكراً .

الدراسات الأجنبية

أما بالنسبة للدراسات الأجنبية، فقد تم إثبات العلاقة القوية بين مشاركة الوالدين في التعليم والتحصيل الأكاديمي بشكل إيجابي من خلال دراسات مختلفة. وتظهر نتائج بعض الدراسات الأثر الإيجابي لمشاركة الأسرة على التحصيل الدراسي للطالب. علاوة على ذلك، تعمل هذه المشاركة على تحسين تقدير الطلاب لذاتهم، وتعزز أدائهم الأكاديمي، وكذلك تقلل نسبة التغيب عن المدرسة.

وتعقيباً على الدراسات السابقة، أشارت معظمها إلى أن لتدخل الأسرة في تعليم أبنائهم أثراً كبيراً في التحصيل الدراسي، وأن العلاقة بين أفراد الأسرة مهمة، حيث أن علاقة التعاون، والتفاهم بين أفرادها تؤثر إيجابياً على الأفراد. فالعوامل الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية تؤثر بشكل إيجابي أو سلبي على أداء الأبناء في المدرسة، وتحصيلهم الدراسي.

يعتبر التدخل الأسري في العملية التعليمية من بين أهم العوامل التي تؤثر على النجاح المدرسي للأبناء فعلى المدرسة إشراك الأسرة في أي قرارات تخص أبناءهم، ودعوتهم إلى مشاركة أبنائهم في الرحلات المدرسية، والمناسبات، والحفلات التي تقام في المدرسة، توفير جميع الوسائط الثقافية من كتب، ومجلات، وغيرها للوالدين لتساعدهم على تنمية مواهب أبنائهم، وتساعدهم على التقدم العلمي.

كما أن عليهم التواصل باستمرار مع المدرسة، والمرشد الطلابي، والمعلمين، وحضور مجالس أولياء التلاميذ، والرد على أي استفسار من الإدارة. فالعملية التعليمية تتجلى بالدعم المستمر من الوالدين وتواصلهم مع المعلم، والمدرسة من خلال اللقاءات، ووسائل الاتصال المختلفة.

مساعدة المدرسة في معالجة أي مشاكل نفسية، أو سلوكية، أو تدني المستوى التعليمي بموضوعية تامة وعدم توجيه اللوم على المدرسة، والمعلم. والحرص على أبنائهم بتوفير المكان، والوقت المناسب للاستماع إلى مشاكلهم التي تتعلق بنجاحهم المدرسي، ومحاولة حلها، وعدم إلقاء اللوم على أحد. وإشعارهم بأهمية المدرسة، والنجاح المدرسي، وأثره في بناء المجتمعات.