Back

هناء المصري… َصَّماء تَتَحدثُ بالصُور

تعمل هناء المصري (26 عاما) بطاقة لا مثيل لها، تتحرك بصمت من زاوية لأخرى في غرفة صغيرة بابها مدخل منزل والدها، وجدرانها اختلفت ألوانها بحسب حاجة التصوير الذي تعمل به منذ سنوات طويلة، عرف والديها أنها ستعاني من إعاقة سمعية مع ولادتها، ولكنهم أيقنوا أن هذه الطاقة لن تضيع دون إنجاز، وفروا لها ما أرادت من أدوات ومشرفين، رافقوها حتى التحقت في جامعة فلسطين التقنية لتنال شهادة دبلوم في التصوير.

اليوم تتحدى هناء الكثير من المعيقات كغيرها من الخريجين في هذا المجال، ولكن العبء تضاعف عليها بسبب قلة الفرص المتاحة للصم، تمكنت من أن تكون جزءا من طاقم حكومي وفر لها دخلا جيداَ يمكنها من الاستمرار في الإنتاج رغم كل شيء.

” أنا لا أرى أي عائق امامي، ولكني بحاجة لممارسة الايداع في هذا العمل، ليس فقط الإنتاج البدائي، وانا بحاجة انخرط مع منتجين احترافيين، عملنا صعب، وبحاجة لطاقم وتواصل مستمر، حتى الآن لا أجد مكانا مناسبا لي، والعمل في الديوان عمل روتيني اضمن فيه الخروج من المنزل فقط، وراتب استطيع فيه الإنفاق على أحلامي”، تقول هناء.

تحرك يديها باستمرار لتتأكد أنني فهمت ما تقول، مترجمتها أسمهان عصفور ووالدتها يترجمان لي أيضا، حتى تتأكد هي وترتاح، تقول والدتها:” تحاول أن توضح رغبتها للجميع، وترى في أي فرصة صغيرة باباً يساعدها في انتاج مواد اعلامية للصم”.

تتحاور اسمهان وهناء المصري وتوما اسمهان لها بابتسامة وتقول:” تريد أن تكون جزءا من طاقم سراج في الإنتاج المرئي، وترى فيه فرصة لنشر عملها مع اشراف من متخصصين، وتحلم ان تنتج  أفلام هي وزميلاتها ممن يجدن في صورة الكاميرا وسيلة للتواصل مع غيرهم من الصم”.

تخرج هناء من منزلها سيرا على الاقدام يوميا، لا تترك كاميرتها أبدا، وتصور كل ما يلفت انتباهها، إلا أنها لا تعرف أين يمكن أن يكون مصير هذه الصور، غير تخزينها على جهاز الحاسوب وإعلام الناس باستمرار أنها مصورة، تقول:” لما لا نتعلم كيف يمكن أن ندخل السوق ضمن إمكانياتنا المهنية، لا الجسدية، ولو كنت اعتقد أنني لا أستطيع أن أشارك في تصوير فعالية أو تصوير منتجات مثلا، لما طرحت خبرتي للناس، ولكن عدم القدرة على توصيل المعلومة أمر ينَفر أصحاب المتاجر مني”.

يوجد في فلسطين أكثر من 70 الف أصم، أكثر من 80%  بحسب احصائيات الهلال الأحمر الفلسطيني يعملون بما يتاح لهم، فيما يعاني 90 % من عدم رضى عن العمل الذي يقومون به، كونه عمل يشغلهم فقط دون أن يكون طريقاً لتحقيق رغباتهم وذاتهم.